حول أوهام التحول السلمي إلي العالم الجديد
نتحدث كثيراً في مقالاتنا عن تطور الرأسمالية باتجاه المجانية و إنتهاء الأعمال، و نشرح العديد من الطروحات الاقتصادية حول التكلفة الصفرية و غيرها باعتبارها أحد عوامل تفكك المنظومة الحالية و ظهور نمط جديد من الانتاج قائمٍ على التعاونيات أو تحول المستهلكين إلى منتجين لحاجاتهم، ما سميناه “مستهلجين” و هي كلمة ابتكرناها في العربية كاشتقاق للكلمة الانجليزية المبتكرة هي الأخرى Prosumer و تعبر عن عملية حديثة لا سابق لها في العصر الحديث حيث ينتج الناس حاجاتهم بأنفسهم لأنفسهم أو لعرضه مجاناً على الآخرين بعيداً عن الأسواق.
و يقودنا هذا الكلام إلى نقاش قديم حول إمكانية تحول المنظومة الرأسمالية بشكل تدريجي و ذاتي نحو منظومة اقتصادية جديدة دون الحاجة إلى قيام ثورة اجتماعية أو فعل شيء، الأمر الذي كان مطروحاً على النقاش بين التيارات الاشتراكية المختلفة في الماضي على غرار “الاشتراكية الفابية” التي توقعت تطوراً سلساً سلمياً من الرأسمالية إلى منظومة اجتماعية جديدة.
و بغض النظر عن ماهية الاشتراكية و طروحاتها حول تنظيم عالم لا رأسمالي قائم على الندرة، فإننا سنركز هنا على فكرة التحول التدريجي السلس من المنظومة الرأسمالية إلى منظومة جديدة قائمة على الاتاحة الحرة و الوفرة و ليست قائمة على الملكية و السوق و العمل المأجور.
و يقودنا هذا الكلام إلى نقاش قديم حول إمكانية تحول المنظومة الرأسمالية بشكل تدريجي و ذاتي نحو منظومة اقتصادية جديدة دون الحاجة إلى قيام ثورة اجتماعية أو فعل شيء، الأمر الذي كان مطروحاً على النقاش بين التيارات الاشتراكية المختلفة في الماضي على غرار “الاشتراكية الفابية” التي توقعت تطوراً سلساً سلمياً من الرأسمالية إلى منظومة اجتماعية جديدة.
و بغض النظر عن ماهية الاشتراكية و طروحاتها حول تنظيم عالم لا رأسمالي قائم على الندرة، فإننا سنركز هنا على فكرة التحول التدريجي السلس من المنظومة الرأسمالية إلى منظومة جديدة قائمة على الاتاحة الحرة و الوفرة و ليست قائمة على الملكية و السوق و العمل المأجور.
هل هذا ممكن؟ هل هذا هو ما تدعو إليه حركة زايتجايست؟
هذا هو السؤال الذي سنحاول إثارته و بحثه هنا للنقاش.
هذا هو السؤال الذي سنحاول إثارته و بحثه هنا للنقاش.
لقد شهدت البشرية ثلاثة أنماط إنتاجية منذ انفصالنا عن الإنتاج الطبيعي الأول و البدء باستغلال و تسخير العمل البشري قهريا لإنتاج الثروات، و هي العبودية و الإقطاعية و الرأسمالية.
و في الحقيقة عاشت جميع أنماط الإنتاج هذه مع بعضها البعض على مرّ التاريخ لكونها أنماط متشابهة قائمة على استغلال الجهد البشري، و لكن كان هنالك نمطٌ سائدٌ في كل مرحلة، وإن الاختلاف الوحيد بين هذه الأنماط هو درجة حرية القطيع البشري المسخّر للإنتاج و طريقة توزيع الثروات في المجتمع و التي يتم تنظيمها في العادة من خلال القوانين التي تسنها السلطة.
لقد صاحبت التحولات الإجتماعية من نمط الانتاج العبودي الى النمط الاقطاعي إلى النمط الرأسمالي ثورات اجتماعية مستمرة. فثورات العبيد كان يتم سحقها، و لكنها أجبرت الأنظمة الحاكمة دائماً إلى إجراء تغييرات قانونية لصالح العبيد. والنظام الرأسمالي ثبت أركانه بعد الثورة الفرنسية و منح فسحة أكبر للحظائر البشرية العاملة و حررهم من العبودية الجسدية السافرة لصالح العبودية للعمل المأجور, وبرغم عودة الملكية في فرنسا بعد الثورة و اعتقال نابليون بونابارت، ولكن مبادئ الثورة الفرنسية انتصرت في النهاية ليس في فرنسا و حسب بل في أوروبا و بريطانيا التي اضطرت إلى تبني شعارات الثورة الفرنسية بشكل أو بآخر للإنسجام مع الواقع الجديد.
و في الحقيقة عاشت جميع أنماط الإنتاج هذه مع بعضها البعض على مرّ التاريخ لكونها أنماط متشابهة قائمة على استغلال الجهد البشري، و لكن كان هنالك نمطٌ سائدٌ في كل مرحلة، وإن الاختلاف الوحيد بين هذه الأنماط هو درجة حرية القطيع البشري المسخّر للإنتاج و طريقة توزيع الثروات في المجتمع و التي يتم تنظيمها في العادة من خلال القوانين التي تسنها السلطة.
لقد صاحبت التحولات الإجتماعية من نمط الانتاج العبودي الى النمط الاقطاعي إلى النمط الرأسمالي ثورات اجتماعية مستمرة. فثورات العبيد كان يتم سحقها، و لكنها أجبرت الأنظمة الحاكمة دائماً إلى إجراء تغييرات قانونية لصالح العبيد. والنظام الرأسمالي ثبت أركانه بعد الثورة الفرنسية و منح فسحة أكبر للحظائر البشرية العاملة و حررهم من العبودية الجسدية السافرة لصالح العبودية للعمل المأجور, وبرغم عودة الملكية في فرنسا بعد الثورة و اعتقال نابليون بونابارت، ولكن مبادئ الثورة الفرنسية انتصرت في النهاية ليس في فرنسا و حسب بل في أوروبا و بريطانيا التي اضطرت إلى تبني شعارات الثورة الفرنسية بشكل أو بآخر للإنسجام مع الواقع الجديد.
تأريخ التغيير الاجتماعي كان حافلا اذا بالاحداث الثورية. و إذا كانت التغييرات في الماضي غير ممكنة دون ثورات إجتماعية؛ فإن التحول من المنظومة الحالية لا يمكن أن يحصل من خلال تطور سلس تدريجيّ بلا مخاض حقيقي!
لقد تحدثنا سابقاً عن الهرم القيميّ المقلوب في المنظومة الرأسمالية. حيث إن المنظومة تفرز بطريقة تشبه الانتخاب الطبيعي أكثر الناس إنحطاطا و فساداً و مرضاً لتضعهم في قمة الهرم الاجتماعي. الذين يديرون دفة الأمور في عالمنا و يقفون على رأس الحكومات و الجيوش و الأنظمة المنتخبة ويشعلون الحروب ويحددون مصير البشرية، هم أكثر البشر إغراقاً في الوحشية ولا يدفعهم فساد النظام الرأسمالي و انحطاطه الاقتصادي سوى إلى إرتكاب المزيد من الشنائع والفظائع لإنقاذ ثرواتهم و سلطتهم و لن يستسلموا بهذه السهولة للأمر الواقع، لذلك فإننا لا نتوقع أبداً أي تطور سلس من الرأسمالية إلى منظومة جديدة. هؤلاء الناس الذين يحكموننا لا يعرفون أي طريقة أخرى لإدارة الأمور. لذلك ينبغي أن لا نتوهم أبداً حول أن الحركات الاجتماعية و الثورة الاجتماعية هي ضرورة تاريخية لإقامة أي تغييرات جذرية في المجتمع.
لقد تحدثنا سابقاً عن الهرم القيميّ المقلوب في المنظومة الرأسمالية. حيث إن المنظومة تفرز بطريقة تشبه الانتخاب الطبيعي أكثر الناس إنحطاطا و فساداً و مرضاً لتضعهم في قمة الهرم الاجتماعي. الذين يديرون دفة الأمور في عالمنا و يقفون على رأس الحكومات و الجيوش و الأنظمة المنتخبة ويشعلون الحروب ويحددون مصير البشرية، هم أكثر البشر إغراقاً في الوحشية ولا يدفعهم فساد النظام الرأسمالي و انحطاطه الاقتصادي سوى إلى إرتكاب المزيد من الشنائع والفظائع لإنقاذ ثرواتهم و سلطتهم و لن يستسلموا بهذه السهولة للأمر الواقع، لذلك فإننا لا نتوقع أبداً أي تطور سلس من الرأسمالية إلى منظومة جديدة. هؤلاء الناس الذين يحكموننا لا يعرفون أي طريقة أخرى لإدارة الأمور. لذلك ينبغي أن لا نتوهم أبداً حول أن الحركات الاجتماعية و الثورة الاجتماعية هي ضرورة تاريخية لإقامة أي تغييرات جذرية في المجتمع.
وقد أوضحنا في أبحاث سابقة بأنّ الثورة الاجتماعية ليست حدثاً، بل هي عملية تجري الآن و تتراكم لتصل إلى الذروة حيث تنفلت الأمور وتنظم المجتمعات نفسها في الميادين لإعلان العالم الجديد.
العبودية انتهت عندما قرر البشر بأنهم ليسوا عبيداً و لن يكونوا عبيداً ورفضوا متاجرة الآخرين بأجسادهم. وستنتهي هذه المنظومة عندما يقرر أغلبية البشر بأنهم يرفضون العبودية للعمل المأجور، و الإدعاء القسري لملكية موارد الارض من قبل حفنة من الشركات.
العبودية انتهت عندما قرر البشر بأنهم ليسوا عبيداً و لن يكونوا عبيداً ورفضوا متاجرة الآخرين بأجسادهم. وستنتهي هذه المنظومة عندما يقرر أغلبية البشر بأنهم يرفضون العبودية للعمل المأجور، و الإدعاء القسري لملكية موارد الارض من قبل حفنة من الشركات.
و في نهاية الأمر فإن التغييرات ستُفرض كأمر واقع لا مفرّ منه على أسياد المنظومة الحالية الذين سيحاولون مقاومة التغيّير بكل الوسائل، ولكن صلاحية منظومتهم منتهية، و مقاومتهم ستتلاشى مع انهيار المنظومة الحالية و تزايد الاعتراضات الجماهيرية التي ستكتشف تدريجيا ان لا مفر لها من تغيير جذري لكامل المنظومة الاجتماعية و ان تطلّب الأمر مخاضاً مريراً وطويلاً.
- كتابة : كاييف امين
- تصميم الصورة: زياد المرتضي