ملتقى أصدقاءْ حركة زايتجايست بالعربية

مابعد الرأسمالية.. بين اليوتوبيا والخرافة


ترجمة ... التكنولوجيا ستبني مجتمعاً جديداً


مهاب نصر - 
الحديث عن «النهايات» قد يكون أحد سمات الفكر الغربي، بما في ذلك نهاية الحضارة الأوروبية نفسها، لكن وفي حدود أقل، فإن القلق الغربي من أزمات المجتمع الرأسمالي دفع كثيرين في العقود الأخيرة إلى التنبؤ بنهايته، واستشراف ما بعده، حتى لو جاء ذلك في صورة يوتوبيا، أو مجتمع خيالي، وهو ما قدمه بول ماسون في كتابه «مابعد الرأسمالية.. دليلنا إلى المستقبل» والذي راجعه هامش ماكري في جريدة الاندبندنت. 

إن فكرة «اليوتوبيا»، ذلك المجتمع المثالي حيث يعيش الناس في تناغم ورفاهية، قد ألقت بظلال من السحر منذ كتب توماس مور دراسته في عام 1516 حول الطريقة التي يمكن بها للناس أن يبدعوا مجتمعا كهذا في جزيرة خيالية في الأطلنطي.
كثير من الكتاب بعد مور حاولوا تطبيق رؤيته اليوتوبية في نظرتهم إلى عالمهم المعاصر، ومن بينهم إدوارد بيلامي الذي كانت إطلالاته العكسية على التاريخ في كتابه (2000–1887) المنشور في عام 1888 قد قادت إلى ظهور عدد من «المجتمعات المثالية» في الولايات المتحدة.
آخر إسهام في هذا المضمار جاء تحت عنوان «مابعد الرأسمالية.. دليلنا إلى المستقبل» الذي كتبه بول ماسون المعروف على نطاق واسع باعتباره محررا اقتصاديا للقناة الرابعة الاخبارية. 
تتلخص أطروحة ماسون في كون الرأسمالية قد بلغت الحد الأقصى لتطورها الممكن، وان نظام اقتصاد مجتمعي سوف يبزغ من حطامها. أما المفتاح الذي سيقود إلى هذا التحول، برأي ماسون، فهو التكنولوجيا التي تحطم العلاقات الاقتصادية الحالية بينما تسمح بعلاقات أخرى لتحل مكانها. أما واجبنا، كما يقول، فهو التحقق من كون هذا المجتمع الجديد سيكون أكثر عدلا وانسجاما. 
يضع ماسون مخططا من أربعة أهداف رئيسة هي: تخفيض الانبعاث الكربوني، استقرار النظام المالي لانهاء حالات الصعود والهبوط، توفير مستويات عالية من الرفاه وجودة العيش، وإحلال الاقتصاد المؤتمت مكان العمل أو الشغل بمفهومه الذي نعرفه الآن.
في النهاية، كما يقول ماسون، سيكون العمل تطوعيا وستكون السلع الاساسية والخدمات العامة مجانية، وستكون الطاقة ووفرة الموارد هي موضوع الاقتصاد وليس الرأسمال و«الشغل». 
يقر ماسون، من جهة أخرى، بأن هذه الأهداف لن يتم بلوغها جميعا. لكن: كيف نبدأ؟ أولا، في رأيه، نحتاج إلى حاسوب شديد الدقة، هائل السعة، ومتاح للجميع، يمكنه أن يعكس الواقع الاقتصادي.
من هنا فإن أكثر الإجراءات، التي يمكن أن نتخذها، ضرورة وراديكالية هي ابتكار هذه المؤسسة العولمية، أو تلك الشبكة العنكبوتية الهائلة لتعكس عملية التحول الطويل فيما وراء الرأسمالية. 
ويذهب ماسون إلى وضع تصور يظهر كيف أنه مع الفوائد المرتقبة من استخدام هذا الحاسوب المتفوق الذي سيكون مصدرا متاحا للناس، والذي لن يكتفي بتمثيل الاقتصاد العالمي بل يتعدى ذلك إلى إعادة تقديمه، فإن بإمكاننا من خلاله إعادة تشكيل فكرة الدولة، وانهاء الاحتكارات، وتوسيع نطاق العمل التعاوني، مع منح كل إنسان الدخل الأساسي الذي يحتاجه. 
«نحن نعيش لحظة عامرة بالممكنات، للتحول فيما وراء السوق المفتوحة، فيما وراء الاعتماد على مشتقات الكربون، فيما وراء العمل الالزامي. ماذا يحدث للدولة؟ ربما ستضعف قوتها مع الوقت، وفي النهاية ستسلم مهامها إلى المجتمع» بحسب قول ماسون. برؤية مثل هذه فإن «مابعد الرأسمالية» قد يبدو مجرد يوتوبيا متبجحة بالنسبة إلى البعض، ومستحيلة بالنسبة إلى معظم الناس.

عن الكاتب

، مشرف المدونة, وعضو متطوع بحركة زايتجايست

معلومات عن التدوينة Unknown : الكاتب بتاريخ : الخميس، 10 سبتمبر 2015
: عدد الزيارات
عدد التعليقات: 0 قبل الإستعمال إقرأ إتفاقية الإستخدام