ملتقى أصدقاءْ حركة زايتجايست بالعربية

هل هذا السروال يجعل مؤخرتي تبدو كبيرة؟

مرحباً، قل لي بصدق! هل هذا السروال يجعل مؤخرتي تبدو كبيرة؟ أو انتظر قليلاً، ربما ليست كبيرة بما يكفي؟
هل حان الوقت لإجراء عملية لتكبير الأرداف؟ أو ربما عملية صغيرة لشفط الشحوم لتخلصني من هذه الترهلات على الأقل. وربما أثناء ذلك، عملية تجميل للبطن أيضاً أمرٌ جيد، لن يضر أن أشدها بالكامل! لكن تمهل، لماذا يجب عليّ أن أتوقف عند هذا الحد؟ بما أنني كسول بعض الشئ لتمرين هذه العضلات، ربما تكون عمليات الزرع فكرة جيدة و معها عملية صغيرة لشد الرقبة. 
بالتأكيد يجب أن أفعل شيئاً ما تجاه هذا الصلع الذكوري، أليس كذلك؟ ما هذا؟ عملية رفع للحواجب؟ لا، لست متأكداً من أنّني أريد أن أبدو مندهشاً طيلة الوقت. أعتقد أنني سأنهي القضية بالكثير من حقن البوتوكس لتخفيف هذه التجاعيد، أنت تعرف البوتوكس ،ذلك السم العصبي الذي يشل الأعصاب مؤقتاً من أجل الإيهام بمظهر شبابي؟ 
قال "مارشال ماكلوهان" ذات مرة أن آخر ما قد تنتبه له السمكة في بيئتها على الإطلاق هو الماء. كذلك الأمر فيما يتعلق بالحقائق الأكثر قوة ووضوحاً في ثقافتنا الإنسانية فغالباً ما تكون الأكثر تجاهلاً أيضاً. عندما نتوقف قليلاً لتقييم المبادئ والأفكار الأساسية التي توجّه حياتنا وهل يفترض أن نتبع هذه الحقيقة المظلمة ، وقتها ستصبح حياتنا وقيمنا أكثر وضوحاً.
نحن نعيش اليوم في محيط تحركه العديد من الأمواج الهائلة من الهوس بالمكانة الاجتماعية، المادية و الغرور و"الأنا" والاستهلاكية. أصبحت حياتنا نفسها محددة ليس بأفكارنا المنتجة و مساهماتنا الاجتماعية و نوايانا الحسنة، بل بمجموعة من الارتباطات الوهمية و السطحية بحيث أصبح نسيج مجتمعنا نفسه يشع بالأوهام الرومانسية الرخيصة مقترنة بتنافس عقيم و استهلاك مجنون وأنواع شتى من الإدمان العصابي المرتبط غالباً بالجمال الجسدي والمكانة الاجتماعية والغـنى السطحي.
ليس ذلك في الحقيقة إلا امتـثالاً مجتمعيّاً متنكراً في ثوب الفردية لقيم التوازن و الذكاء و السلام و الصحة العامة أما الإبداع الحقيقي فقد تم إهماله و تركه جانباً ليتعفن.
لقد ضرب التلوث بجذوره عميقاً في المحيط الثقافي الذي نعيش فيه اليوم. يبدأ الأمر في سنوات تكويننا الأولى،حين تتسم بالذكاء و الإنجاز فأنت معقد و فاشل أو غريب الأطوار . حين ينصب ثـناء المجتمع على من يملكون مظهراً مقبولاً و ثروةً وعضلات بلا عقل حيث يتم تقوية فكرة أن الشخص الذي يفكر ويعرف ويتحدى يكون عرضة للسخرية بينما من يؤيد الوضع السائد ويطيع المثل العليا التي يفرضها المجتمع يكون محل التقدير و المكافأة

عن الكاتب

، مشرف المدونة, وعضو متطوع بحركة زايتجايست

معلومات عن التدوينة Unknown : الكاتب بتاريخ : الاثنين، 3 أغسطس 2015
: عدد الزيارات
عدد التعليقات: 0 قبل الإستعمال إقرأ إتفاقية الإستخدام