ملتقى أصدقاءْ حركة زايتجايست بالعربية

مفهوم الحرية ضد العبودية


 الحرية كما راها اريك فروم هي اخطر ما يصيب النفس البشرية ، ﻻنها تتطلب نشاطا "ملزما" متلفا مهلكا للنفس البشرية ، ﻻ تستطيعه اﻻ قدرات الهية .... لذلك وضع اريك فروم كتابه " الهروب من الحرية" .
هناك داخل متاهة الحرية يقبع المينيتور ، الرجل المسخ ذو راس الثور ، والذي ينتظر كل نفس قادمة اليه ، ليلتهم لحمها ويمتص دمها - ومن هنا جاءت اسطورة مصاصي الدماء كمحاكاة لمصاص الدماء والذي هو المينيتور داخل متاهة قصر ميناس ، واللذان ما هما اﻻ اﻻكتئاب عينه . 
والويل لمن يدخل على المينيتور دون خيط اريانا ( الخيط الذي اعطته الاميرة الحسناء اريانا لتيسيوس عندما وافق على شرط اباها الملك الميناس بزواجه من اريانا ان دخل متاهة القصر وقتل المينيتور ) .. فكان خيط اريانا هو خيط النجاة الذي ساعد تيسيوس بعد ان قتل دخل وقتل المينيتور على الخروج من المتاهة بعد ان اوصته اريانا ان يربط الخيط فبل دخوله بباب المتاهة .. وهذا ما كان وبفضل الخيط كانت نجاة تيسيوس ... خيط اريانا هو المنظومة الفكرية المتسقة لدى الباحث عن الحقيقة .. الذي هو هنا بمعنى العبودية ضد الحرية داخل متاهة الحياة .
فالفكر او الحياة دون مرتكز ومرجع ثابت ، موت داخل اﻻكتئاب .. فالله ذاكرة اﻻنسان .. واﻻكتئاب هو فقدان الذاكرة والهوية ، لذلك يفقد المكتئب اتصاله مع المرتكز والمرجع الثابت داخله ، فاﻻكتئاب هو فقدان اﻻتصال بسلطة اعلى يستمد منها المكتئب الطمانينة واليقين و"الثبات" .. وهذا ما قصده اريك فروم ب"النشاط الملزم ، الذي ﻻ تستطيع تحمله اﻻ قدرات الهية" .... ﻻن الحرية سكون وفراغ .. ووحده اﻻله يستطيع ان يعيش داخل هذا الفراغ لخلو اﻻله من الشر . اي لخلو اﻻله من المينيتور .
لذلك فالدافع وراء السلوك البشري هو الهروب من الحرية ، واستجداء العبودية ، فالجنس والمخدر والرقص والغيبة والنميمة واذى اﻻخر وعموم الشر هي سلوكات يمارسها اﻻنسان للهروب من السكون . الذي ما هو اﻻ المينيتور نفسه .. لذلك فالمازوخي يمارس مازوخيته بان يستجدي الذل واﻻلم والمهانة ،كي يطل يشعر انه عبدا ،وليس الها ، وما السادي اﻻ مازوخي مبطن ايضا ، ففي حين ان المازوخي يستجدي الذل والخوف واﻻلم - لما فيهم من حركة ضد السكون - فالسادي يجبر ضحيته بساديته ان تقف امامه وترد عليه شرا بشر ،كي يشعر بالخوف والخضوع كمظهر للعبودية يحقق الثبات واليقين ويمنع الوصول الى الفراغ حيث يقبع المينيتور .. ﻻن الاكتئاب بتعريف ما ايضا "هو فقدان الشعور بالخوف" وهذا ما حدث مع كاليجوﻻ في مسرحية البير كامو .. فبعد ان سيطر كاليجوﻻ السادي بسلطته على رجال المجلس ، وزوجاتهم حيث كان يغتصبهن وقتل بعضهن ، متامﻻ ان يقف احدا امامه ليرد شره بشر ليخضعه ويشعره بالخوف ، فلما لم يجد انتهى بائسا حزينا منعزﻻ وحيدا.. فنحن نمارس الشر كي نظل نشعر بالعبودية .حيث الخوف واﻻلم الذي يبقي اﻻنسان متصﻻ بالواقع ويمنع انفصاله داخل فراغ العزلة الوجودية حيث يقبع المينيتور المتربص داخل النفس البشرية .. واراد براد بيت في فيلم نادي القتال Fight club ان يؤكد على ان ممارستنا للشر هي هروب من شيء ما خفي سيقضي على اﻻنسان ان لم يمارس الشر .
لذلك في قول الحﻻج يكمن الحل والهروب من الفراغ :
"من اراد الحرية فليصل العبودية" .
وما العبودية هنا اﻻ خيط اريانا في اﻻسطورة .
لذلك فالحرية - ضد العبودية - هي اخطر ما يصيب النفس البشرية وهي على اﻻرض ، وكل سلوكاتنا دافعها الهروب من الحرية .....

المقال لي Abdelelah Abzakh

عن الكاتب

، مشرف المدونة, وعضو متطوع بحركة زايتجايست

معلومات عن التدوينة Unknown : الكاتب بتاريخ : الثلاثاء، 4 أغسطس 2015
: عدد الزيارات
عدد التعليقات: 0 قبل الإستعمال إقرأ إتفاقية الإستخدام