الرأسمالية هي سبب المعاناة
ما هي الرأسمالية؟
الرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية، تقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعة في مفهوم الحرية. بما أن الرأسمالية تعزز الملكية الفردية، فإنها تقلص الملكية العامة، ويوصف دور الحكومة فيها على أنه دور رقابي فقط.
في الاصطلاح: نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، حيث يكون التوزيع والإنتاج وتحديد الأسعار محكومًا بالسوق الحر والعرض والطلب، ويحق للملاك أن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدوا استثمارها.
أســس الرأسماليــة
– البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب المشروعة، فلا يكون فيما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلًا.
– تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن.
– المنافسة والمزاحمة في الأسواق.
– نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها.
بعد أن تعرفنا على مفهوم الرأسمالية والأسس التي يقوم عليها نظام الرأسمالية، وبعد النظر في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تبين لنا أن هناك شيئًا ما خاطئ في العالم كما هو عليه الآن، هناك خطأ فادح في أوضاعنا الحالية، إننا نسمع الكثير من الأخبار عن التغيير المناخي كل يوم، وفي كل يوم نحقن المزيد من أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهناك أزمة اقتصادية في كل مجتمع حيث لا يمكنه توفير الغذاء والتعليم ولا حتى السكن، والأُناس الوحيدون الذين لا يعانون هم أولئك نفسهم الذين يسبّبون المعاناة للآخرين.
هذه الطريقة في الحياة، وهذه المنظومة (الرأسمالية) الحديثة إنّها مجرد قصة حقًا لا أكثر.
هل خطر لأحد منا أن هذا النظام العالمي هو ربما سبب لكل تلك المشاكل وكل تلك الحروب والمجاعات التي تحصل في العالم و هو الآن يحتاج إلى تغيير حقيقي؟ ولكن لنستطيع تغيير هذه المنظومة غير العادلة نحتاج لمواجهة بعض الحقائق الصعبة فعلًا.
الحقيقة الأولى
نحن نعيش في منظومة قائمة على أوهام “ماتريكس”، حيث أننا منذ اللحظة التي نولد فيها، يتم برمجتنا لنؤمن بقيم الفردانية الموجودة، حيث تم تعليمنا بأن المنافسة أمرٌ جيد, تم تعليمنا أن علينا أن نقوي مواقعنا المادية حتى إذا كان هذا على حساب الآخرين، تم إقناعنا لنؤمن بأنَّنا عبارة عمّا نشتريه وتم تعليمنا تلك الأمور مبكراً في المدرسة ومن خلال الإعلانات التي نشاهدها، وجميع هذه الرسائل مصممة بغاية الدقة تخبرنا بأن الأمور تجري بهذه الطريقة، وهكذا ينبغي أن تكون.
الحقيقة الثانية
إننا نعيش في اقتصاد زائف، تمّ إخبارنا بأننا يجب أن نكون ممتنين للأثرياء وللشركات التي تخلق فرص العمل، ولكن في الواقع معظم مصادر رزقنا تنتجها مشاريع ومزارع صغيرة، وعندما تتوسع شركات (وول مارت) لا تخلق وظائف جديدة، بل ما يحصل هو تدمير الأعمال الموجودة مسبقًا.
صورة لوول مارت
لقد أخبرونا بأنه كلما زاد ثراء الأثرياء كلما زاد ثراء بقية الناس، لكن اليوم الـ 85 شخصًا الأكثر ثراءً في العالم، لديهم ثروة تزيد عما لدى الـ 3.5 مليار الأكثر فقرًا في العالم.
أخبرونا بأن النمو جيد وأن النمو الأسّي جيّد لازدهار اقتصادنا، هذا الجنون وصل إلى حد لننمو فيه بنسبة 3%، في العام المقبل سيتوجب علينا خلق منتجات جديدة بقيمة 2 تريليون دولار، وذلك كان حجم كلّ الاقتصاد العالمي عام 1970 فقط لإبقاء الأمور مستقرة، هذا الأمر إذا حدث داخل جسدك فإننا سنسميه سرطاناً، فإن ذلك النمو الغير منضبط الذي يتغذى على الخلايا الحية متجهاً نحو الموت.
قيل لنا أن بإمكاننا حل مشكلة الفقر العالمي عندما تمنح الدول الغنية مزيدًا من المساعدات للدول الفقيرة، ولكن انظر إلى ما وراء تلك الادعاءات فمن الواضح أن المساعدات تسير بالاتجاه المعاكس. إن الدول الغنية، غنية لأنها تنهب الأراضي والموارد والعمالة الرخيصة من الدول الفقيرة فنحن نعتقد بأن تلك الدول تديرها حكومات وأن تلك الحكومات ديموقراطية، ولكن ما هي الكيانات الأقوى في العالم؟
إنها الشركات وليست الحكومات، فالأعمال تدار لأجل الأرباح الخاصة وليس من أجل الصالح العام.
الحقيقة الثالثة
الحقيقة الأكثر أهمية (يمكننا تغيير الأشياء)، لأن تلك المعتقدات الخرافية تنهار في كل مكان حول العالم، في كل مكان يتلهف الناس لقصة مختلفة ولا يريدون سماع هذه القصة بعد الآن.
فعلماء علم الإنسان يخبروننا, أننا كنا في أعظم مرحلةٍ من تاريخنا البشري نعيش في مجتمعات صغيرة, قائمة على المساواة والعدل والتعاون والمشاركة عاقبت الأنانية وتكديس الممتلكات, والشيء الوحيد الذي نفتقده هو رؤية ما وراء القيود المفروضة من قبل هذه القصة السائدة,
هنالك الكثير من الأفكار، الأفكار التي تشير إلى طريقة أفضل مثل التدابير البديلة للنمو أو حتى التخلص كليًا من هذا النظام النقدي القائم على الديون أو إزالة أموال الشركات من السياسة أو حتى وضع قيود أمام الشركات المتنفذة.
يجب علين أن نطرح الأسئلة التي أخبرونا أنه لا ينبغي أن نطرحها، الناس في جميع أنحاء العالم بدأوا يفعلون ذلك بالضبط، إنها النهضة العظيمة ضد أزمة حضارتنا. من الربيع العربي إلى حركة احتلوا وول ستريت من حركات الشعوب الأصلية إلى التحوّل الجاري حول العالم، تلك جميعها مظاهرات لعالم جديد أصبح ممكنًا، عالمٌ أنت تعلم وأنا أعلم، كلنا نعلم في أعماق قلوبنا أنه عالم ممكنٌ جدًا.
فالرأسمالية مجرد قصة بين أطراف يفتقرون إلى العدل لا أكثر.
بقلم : محمد الجاموس