ملتقى أصدقاءْ حركة زايتجايست بالعربية

الروبوت لا يخلق قيمة مقال ل حسقيل قوجمان


من البراهين على ان قوى الانتاج دائمة التطور بصرف النظر عن نوع النظام القائم، الانتاج العظيم الذي توصل اليه الانتاج الصناعي والعلمي بما يسمى الروبوت بحيث اصبح من الممكن القول اننا نعيش اليوم عصر الروبوت.
الروبوت كما هو معروف اليوم الة لها القدرة على القيام بحركات شبيهة بحركات الانسان بحيث يمكن استخدامه في الصناعة بدلا من العامل ليقوم بعمل العامل بسرع تفوق السرع التي يستطيعها الانسان وبدقة تفوق دقة العامل اضعاف المرات واخذ الروبوت يحتل مكانا في المصانع الكبرى. 
لذا لابد ان يجري بحث الروبوت بحثا اقتصاديا علميا كما يجري بعد كل اختراع او انتاج عظيم جديد. وعلينا في سبيل ذلك ان نعود الى علم الاقتصاد الحقيقي الوحيد الذي علمنا اياه ماركس قبل قرنين.
يقسم ماركس الراسمال الى راسمال ثابت وراسمال متغير. ويقصد بالراسمال الثابت انه راسمال لا يضيف الى الانتاج قيمة جديدة بل ينقل الى الانتاج وقت العمل الذي يحتويه نتيجة انتاجه. وهذا يشمل كل ما هو غير عمل حي كالمكائن والوقود والمواد الخام وحتى البناء الذي يجري فيه الانتاج.
والراسمال المتغير هو العمل الحي البشري لانه يخلق قيمة جديدة في الانتاج الذي ينتجه. والراسمال المتغير يشمل الراسمال المستعمل في شراء قوة عمل العمال بشكل الاجور. فهذا العمل هو العمل الوحيد الذي يخلق قيمة جديدة في عملية الانتاج اكثر من القيمة التي استهلكها لانتاج قوة عمله.
وعلينا قبل كل شيء ان نقرر اين مكان الروبوت بين هذين الشكلين من الراسمال. لان الروبوت من ناحية يشبه الالات المستعملة في الانتاج بصفته اداة انتاج غير حية ومن ناحية اخرى يشبه الانسان في انتاج عمل يشبه العمل الحي الذي ينتجه العامل الحي.
لم يعرف التاريخ عملا غير عمل الانسان يستطيع ان يخلق بالعمل قيمة تفوق قيمة قوة عمله. فهذه صفة طبيعية نشات بعد الاف او ملايين السنين من حياة الانسان على الارض كان الانسان خلالها لا يكاد ينتج ما يكفي لسد رمقه. تطورت قوى الانتاج نتيجة اختراع ادوات انتاج طبيعية جديدة بصورة مستمرة لاستخدامها في العمل على الطبيعة. وكانت احدى نتائج هذا التطور ان استطاعت الجيوش المنتصرة ان تبقي على حياة الاسرى ولا تقتلهم لانهم اصبحوا يستطيعون ان ينتجوا اكثر من الطعام الذي يقدمونه لهم. فانتقل المجتمع من مرحلة المشاعية البدائية الى المرحلة العبودية.
في مرحلة العبودية والمرحلة الاقطاعية كان ينتقل جزء من عمل العبيد والاقنان بصورة واضحة بان يستولي سيد العبيد على انتاج العبد والعبد نفسه ويمنحه ما يبقيه على قيد الحياة والاقطاعي يستلم جزءا من عمل القن سواء بالاستيلاء على قسم من انتاجه في ارضه او باجبار القن وعائلته على العمل في ارض وبيت الاقطاعي مجانا.
وفي المرحلة الراسمالية اصبح هذا الاستغلال يجري عن طريق البيع والشراء في السوق حين اصبح العامل حرا بمعنى ان الراسمالي لا يملكه وحرا بمعنى انه لا يملك غير عمله مصدرا لكسب معيشته. الراسمالي يشتري قوة عمل العامل كسلعة كاي سلعة اخرى معروضة للبيع ويدفع عنها قيمتها وفقا لقواعد البيع والشراء في السوق ثم يستخدم هذه القوى التي يشتريها كقيم استعمالية بالعمل الذي يخلق اكثر من قيمته بصورة طبيعية. واكتشف كارل ماركس عن طريق دراسة الانتاج في المجتمع الراسمالي اهم اكتشافاته الاقتصادية، قانون فائض القيمة. 
العامل يقوم بخلق قوة عمله عن طريق الطعام والشراب والملبس والسكن والعائلة ثم يعرض سلعته قوة العمل في السوق كسلعة كسائر السلع المعروضة للبيع في السوق. وبالفرق بين القيمة التي استهلكها العامل في انتاج قوة عمله وبين القيمة التي ينتجها عند العمل يحصل الراسمالي على فائض القيمة. انه يحصل على فائض القيمة كانتاج لم يدفع قيمته بصرف النظر عن تسمية ذلك سرقة ام اغتصابا ام احدى قواعد الاقتصاد الراسمالي او العلاقات الانتاجية الراسمالية. الحقيقة الواضحة هي ان الراسمالي يحوز على قائض القيمة الذي ينتجه جميع عماله بدون ان يدفع عنه شيئا. حين يستاجر الراسمالي العامل يشتري قيمة العامل وحين يستخدم العامل في العمل يستعمل القيمة الاستعمالية للعامل. وهذا الفرق بين سلعة قوة العمل كقيمة وبين سلعة قوة العمل كقيمة استعمالية هو الاساس الذي يجعل بالامكان وجود النظام الراسمالي اساسا.
الا ان الروبوت لا يقوم بخلق قوة عمله بنفسه كما يقوم العامل بل ان الراسمالي هو الذي ينتجه. ولذلك ليس بين قوة عمل الروبوت والقيمة الاستعمالية للروبوت الفرق الموجود بين خلق قوة عمل العامل وقوة استعمال قوة العمل. لذلك فان مكان الروبوت لا يمكن ان يكون جزءا من الراسمال المتغير بل هو جزء من الراسمال الثابت. وبهذا يتضح ان مكان الروبوت في الراسمال لا يختلف عن سائر ادوات الانتاج رغم كون عمله الفعلي يشبه عمل الانسان.
تنتج عن هذه الظاهرة نتائج عديدة بالنسبة للانتاج الراسمالي. نظرا لان الهدف من الانتاج الراسمالي هو الربح وليس فائدة الانسان فان كون الروبوت جزءا من الراسمال الثابت وليس جزءا من الراسمال المتغير ان الانتاج الذي ينجزه الروبوت لا يضيف قيمة جديدة على السلع التي ينتجها. وهذا يعني اختفاء فائض القيمة نهائيا في المصنع الذي يستخدم الروبوت فيما عدا فائض القيمة الذي يخلقه عمل المهندسين والفنيين الذين يشرفون على عمل الروبوت. في انتاج الروبوت يختفي فائض القيمة ويختفي الربح الذي يشكل الهدف الاساسي للانتاج الراسمالي.
قد يسالني القارئ اذن من اين تاتي ارباح المصانع التي اخذت تستخدم الروبوت كالمنتج الرئيسي في مصانعها؟ والجواب هو موضوع اخر يختلف عن موضوعنا ولا يمكن شرحه في هذا المقال. انه موضوع يتعلق بقانون القيمة وبوقت العمل الضروري اجتماعيا.
اضافة الى اختفاء الربح في انتاج الروبوت فان الروبوت يحل محل الاف العمال الذين كانوا يشغلون المصنع قبل الروبوت. وكلما يتقدم استخدام الروبوت يزداد عدد العاطلين في المجتمع باضافة ملايين جديدة الى ملايين العاطلين الموجودين حاليا فيه. وهذا يعني تفاقم فقر الطبقة العاملة والكادحين بسرع فائقة السرعة.
ان تفاقم الفقر يؤدي الى عدم قدرة الشراء للسلع المدنية من قبل هؤلاء الفقراء رغم حاجتهم اليها. وهذا عامل هام وشديد الاثر على اشتداد الازمات الاقتصادية زمنيا من حيث سرع تكررها في اوقات متسارعة ونوعيا من حيث شدتها. 
واحدى النتائج المترتبة على كل هذا هي التوجه اكثر واكثر الى انتاج الاسلحة سواء لزيادة استخدامها بشن الحروب او لمجرد اختزانها من اجل توفير الارباح لمنتجيها.
انتشار استخدام الروبوت في الصناعة وبال على الانتاج الراسمالي وعلى السلم والامان في المجتمع الراسمالي.

عن الكاتب

، مشرف المدونة, وعضو متطوع بحركة زايتجايست

معلومات عن التدوينة Unknown : الكاتب بتاريخ : الأربعاء، 5 أغسطس 2015
: عدد الزيارات
عدد التعليقات: 0 قبل الإستعمال إقرأ إتفاقية الإستخدام